شيء عن سياسة الاغتيالات الإسرائيلية
الاغتيال السياسي.. الاغتيال هو قتل شخص بارز أو مهم لأسباب سياسية أو لشخص بارز أو مهم كرئيس دولة أو رئيس حكومة أو سياسي أو زعيم عالمي أو مدير تنفيذي ممكن يكون الاغتيال مدفوعا بدوافع سياسية أو عسكرية، أو يكون لتحقيق مكاسب مالية،
أو للانتقام من تظلم، أو رغبة في اكتساب الشهرة أو الشهرة، أو بسبب قيادة عسكرية أو أمنية أو متمردة أو بوليس سرية لتنفيذ الاغتيال "الجزيرة".
خالد الاشموري
على مدار عقود نفذت إسرائيل العشرات من عمليات الاغتيالات الواسعة في الداخل الفلسطيني بصورة خاصة وفي العديد من الدول العربية في لبنان وتونس والسودان والامارات وسوريا والعراق، لتتوسع في عدد كبير من دول أوروبا منها قبرص ومالطا والنرويج وماليزيا واليونان وإيطاليا وفرنسا، وفي أدغال افريقيا وحتى في إيران.
كما في عملية الاغتيال الكبرى التي نفذتها إسرائيل في العاصمة الإيرانية "طهران" راح ضحيتها إسماعيل هنية- رئيس المكتب السياسي لحركة "حماس".. مثل هكذا عمليات قتل" يظهر القادة الإسرائيليون مدى رغبتهم وعنجهيتهم للتخلص ممن يعتقدون بأنهم يشكلون تهديداً لأمن إسرائيل.. وبحسب المحللين السياسيين: أن هذه الأفعال التي تقدم عليها إسرائيل تظهر مدى تمسكهم بوهم أن القتل يحل كل المشاكل، ومثل هذه الأوهام تغذيها الحصانة التي تتمتع بها إسرائيل من دون أن تجد من يصدها.. تصول وتجول بواسطة عملاء الموساد بسلاحها الجوي في الجو وعلى الأرض منتهكة سيادة الدول ومتجاوزة بذلك القوانين والأعراف الدولية، وبطرق وأساليب متعددة وبدعم أمريكي وبريطاني وصمت غربي وعربي مخزي.. حتى أن إسرائيل في السنوات الأخيرة وخلال الشهور السابقة تستخدم أسلوب الاستهداف المفتوح لا تراعي وجود مدنيين في الجوار، وقد نفذ الكيان الصهيوني الكثير من العمليات من هذا النوع داخل غزة وخارجها حيث يمكن تدمير مخيم بأكمله لاستهداف شخص أو شخصين.
فرانشيسكا البانيز- المقررة الأممية لحقوق الإنسان في فلسطين لـ"عرب48" قالت: ما تقدم عليه إسرائيل من عمليات قتل واغتيال خارج نطاق القضاء في الشرق الأوسط قد ترقى إلى أعمال عدوانية.. وأضافت في حسابها على منصة إكس: أن تاريخ إسرائيل في اغتيال الفلسطينيين بالداخل والخارج "طويل ولا يمكن أن يبقى دون حساب" ومن الضروري أن تكون هناك تحقيقات مستقلة وشفافة ومساءلة كجزء من الطريق إلى السلام.. وقالت البانيز.. أن إسرائيل ترتكب إبادة جماعية بحق الفلسطينيين في غزة وهي تبيدهم بأسلحة أمريكية وأوروبية وسط عدم اكتراث كل الأمم المتحضرة.
مزاعم الأمن:
وفي مقال يحمل عنوان "سياسة الاغتيالات الإسرائيلية نجاح تكتيكي واخفاق استراتيجي" في إشارة إلى تاريخ الاغتيالات الإسرائيلية ودوافع الاغتيال التي تنفذها إسرائيل في فلسطين ولبنان.. يذهب بناء المصدر "الجزيرة نت" 31/1/2024م "إلى أن إسرائيل كثفت منذ بداية العدوان على غزة عمليات الاغتيال لقادة وكوادر تنظيمات المقاومة الفلسطينية، وحزب الله اللبناني فضلا عن قيادات عسكرية واستخبارية إيرانية في سوريا.. ولم تقتصر الاغتيالات على قيادات ميدانية داخل غزة والضفة الغربية، بل تجاوزتها لتشمل قيادات سياسية وعسكرية في الخارج، كان في مقدمتهم صالح العاروري نائب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس ورفاقه، إضافة إلى قيادات في حزب الله وفيلق القدس.. وتفتح عودة إسرائيل إلى سياسة الاغتيالات -في ظل الحرب على غزة- الباب على محاولة التعرف على إستراتيجية الاغتيالات ومدى اعتماد الاحتلال عليها في تحقيق "مزاعم الأمن".
تاريخ الاغتيالات الإسرائيلية
يذهب "أولدريش بوريس" و"أندرو هوكينز" في دراسة شاركا في كتابتها بعنوان "عمليات القتل المستهدف الإسرائيلية قبل وأثناء الانتفاضة الثانية: مقارنة سياقية إلى أن أول عمليات الاغتيالات الإسرائيلية بعد تأسيس دولة الاحتلال حدثت عام 1956م وكانت تلك عملية متزامنة استهدفت مصطفى حافظ ضابط الاستخبارات الحربية المصرية في قطاع غزة، وصلاح مصطفى الملحق العسكري المصري في الأردن "انتقاما من دورهما في دعم الفدائيين الفلسطينيين وهو ما عكس استمرار دولة الاحتلال في سياسة الاغتيالات التي اعتمدتها العصابات الصهيونية قبل عام 1948، كما حدث في اغتيال عصابة شتيرن لكل من اللورد موين وزير الدولة البريطاني لشؤون الشرق الأوسط عام1944 ، والكونت فولك برنادوت المبعوث الأممي للقضية الفلسطينية.
وامتدت سياسة الاغتيالات عبر عقود لتشمل قائمة كبيرة من قيادات منظمة التحرير والفصائل الفلسطينية وحزب الله، وكثيرا من الشخصيات التي يعتقد أن لها دورا ما في دعم القضية والمقاومة الفلسطينية حتى من غير الفلسطينيين.
واستخدمت إسرائيل عدة أساليب في التنفيذ، منها الطرود المفخخة والمسدسات المزودة بكواتم الصوت، والسيارات المفخخة والقنص والمواد الكيميائية السامة والخنق، والطائرات المسيرة، وصولا إلى القصف الجوي بقنابل ضخمة لضمان التدمير الكامل للهدف.
بين الموساد والجيش
لعب جهاز الاستخبارات الخارجية الإسرائيلية "الموساد" الدور الأبرز في عمليات الاغتيال حتى قبيل الانتفاضة الثانية، حيث وقع جل العمليات خارج فلسطين خلال الفترة الممتدة من عام 1956إلى عام 1999.ولكن بعد اندلاع الانتفاضة الثانية عام 2000، نفذت أغلب عمليات الاغتيال في غزة والضفة، وبرز فيها دور جيش الاحتلال وجهاز الأمن الداخلي "الشاباك" في تنفيذها.
وركزت عمليات الاغتيال الإسرائيلية بشكل شبه حصري -قبل الانتفاضة الثانية- على تصفية القادة الكبار لفصائل المقاومة الفلسطينية واللبنانية أو الكوادر التي تملك مهارات نوعية، وهو ما تغير منذ عام 2000 ليشمل تصفية القيادات الوسطى والعناصر المقاتلة بهدف وقف زخم الانتفاضة.
وبحسب دراسة نشرها سيمون برات تتناول "تطور منطق سياسة الاغتيالات الإسرائيلية خلال انتفاضة الأقصى" فقد نفذ الاحتلال 134عملية اغتيال أسفرت عن مقتل 367 شخصا خلال الفترة ما بين أكتوبر/تشرين الأول2000 ويوليو/تموز2007. وقد لجأت إسرائيل عام 2002 إلى تشريع عمليات الاغتيال قانونيا في سابقة على مستوى العالم، مع وضع ضوابط لم تلتزم كثيرا بها، من قبيل أن يكون اعتقال الشخص المستهدف أمرا غير ممكن عمليا، وعدم تنفيذ اغتيالات داخل إسرائيل، والالتزام بمبدأ التناسب في تنفيذ الاغتيال لتجنب إيقاع أضرار جانبية، واشتراط موافقة رئيس الوزراء ووزير الدفاع.
دوافع الاغتيالات
تبنت إسرائيل سياسة الاغتيالات لتحقيق عدة أهداف تختلف بتنوع الشخصيات المستهدفة، ومن أبرزها:
الانتقام وتعزيز الردع عبر إيصال رسالة بأن يدها طويلة يمكن أن تطال أي شخص يعمل ضدها، وأنها لا تنسى ولا تغفر لمن قتل إسرائيليين.
رفع الروح المعنوية للإسرائيليين ونكاية في خصومهم، وتعميق شعورهم بأن حكومتهم تدفع عنهم التهديدات، وتنال من كل من يهدد أمنهم.
إضعاف فاعلية فصائل المقاومة عبر وضع القيادات والكوادر الفاعلة تحت ضغط الاستهداف في أي وقت، وهو ما ينعكس على تشديد إجراءاتهم الأمنية مما يقلل عادة من مساحة حركتهم واتصالاتهم، ويحد من فعاليتهم.
حرمان المقاومة من الشخصيات الموهوبة التي تمتلك قدرات ومهارات تراكمت بمرور الوقت، ولا يمكن نقلها بسهولة إلى الآخرين.
المراهنة في بعض الحالات على إضعاف الجماعات التي اغتيل قادتها، عبر إيجاد فجوة قد تقود لخلافات داخلية وانقسامات بعد غياب القائد الكاريزمي الذي يلتف الباقون حوله.
رفع كلفة الاشتراك في المقاومة ضد الاحتلال بهدف ترهيب المجتمع ودفعه للابتعاد عما يجلب ردود فعل إسرائيلية انتقامية.
إذاً هناك ممارسات إجرامية غير قانونية رسخها رجال الموساد الإسرائيلي عبر الاغتيالات المتعددة الطرق والأساليب منذ تأسيس دولة الاحتلال وربما منذ بدء نشاط العصابات الصهيونية في فلسطين زمن الانتداب البريطاني، فقد نفذ "الشاباك" جهاز الأمن الداخلي بواسطة العصابات والعملاء مئات الاغتيالات من الصعب أن تحصى في مقال واحد .
الصحفي والمؤلف الإسرائيلي "رونين بيرغمان" أشار في كتاب له بعنوان "التاريخ السري للاغتيالات الإسرائيلية المستهدفة إلى أن: سياسة الاغتيالات نجحت في إزالة تهديدات مباشرة محددة لكنها فشلت في توليد حل طويل الأمد لمعضلة الأمن الإسرائيلي، وأثبتت أنها ليست بديلاً عمليًا للمفاوضات والتسوية.
وتشير تلك العمليات إلى أن صناع القرار الإسرائيليين -الذين يميلون إلى التفكير في المكاسب الآنية قصيرة المدى التي تحققها عمليات الاغتيال دون تأمل السياق الإستراتيجي الأوسع ودروس التاريخ- إلى أن عدالة القضية ووجود حاضنة شعبية للمقاومة يؤديان إلى تحويل القيادات المغتالة إلى رموز للنضال، كما يدفعان باستمرار إلى تجديد الدماء وعنفوان المقاومة.
بعض من الأسلحة الإسرائيلية المستخدمة في الاغتيالات بحسب المعلومات المتوفرة :
صاروخ " بوب – أي ":
صاروخ جو – أرض مصمم لضربات دقيقة ضد مجموعة متنوعة من الأهداف، يستخدم التوجيه الكهروضوئي، والأشعة تحت الحمراء المتقدمة، وتتضمن بعض المتغيرات توجيه نظام تحديد الموقع العالمي، مما يعزز الدقة على مسافات طويلة، فيتخطى المدى الدقيق لهذه الصواريخ 320كيلو متر، إلى جانب ذلك فإنها مصممة لاختراق الأهداف المحصنة .
صاروخ هيلفاير:
صاروخ جو- أرض متعدد الاستخدامات صغير نسبياً، المدى 8كيلومتر لا يتوافق مع ضربة بعيدة المدى، مع أن الولايات المتحدة طورته وصمم في البداية لأغراض مضادة للدروع ثم تطور ليخدم أدواراً مختلفة منها عمليات الاغتيال بما في ذلك الضربات الدقيقة ضد الأهداف عالية القيمة ،ويستخدم توجيهها ليزرياً ليضرب هدفاً محدداً، وهو مجهز بأنواع مختلفة من الرؤوس الحربية مثل الرؤوس الحربية شديدة الانفجار المضادة بالأساس للدبابات.
صاروخ "سبايك"
يتميز بأنظمة توجيه متقدمة، بما في ذلك الباحث الكهروضوئي والأشعة تحت الحمراء، ويعمل بنظام "أطلِقْ وانسَ"، ويصل مداه الممتد إلى 25 كيلومترا أو أكثر، أي إنه يمكن إطلاقه خارج مدى الرؤية البصرية.
صاروخ كروز ديليلا:
شبيه لصاروخ "بوب- آي" في المدى تقريباً ، فهو صاروخ دقيق ويمكنه التحليق فوق مناطق الاستهداف قبل إعطاء الأوامر بالضرب بمدى يبلغ نحو 250 كيلو متر، يستخدم طرق التتبع والتوجيه نفسها، ومزود بقدرات ربط البيانات في الوقت الفعلي، مما يسمح للمشغلين بتحديث معلومات الهدف أثناء الطيران.
مروحيات الأباتشي الأمريكية:
تستخدم في العمليات قصيرة المدى لتحقيق ضربات دقيقة باستخدام صواريخ هيلفاير.. وهي مروحية تمتلك ما يجعلها واحدة من أكثر طائرات الهيلوكبتر الهجومية تنوعاً وفعالية في العالم، فبجانب السلاح الدقيق المتنوع يمكن لهذه المروحية تنفيذ مجموعة مختلفة من المهام، كما أنها عالية المناورة وقادرة على التحرك بسرعة ودقة ضرورية للتهرب من نيران العدو والاشتباك مع الأهداف في بيئات معقدة .
المسيرة هيرميس 450:
تعد تحديداً مسيرة متعددة الأدوار وعالية الأداء استخدمتها إسرائيل في عمليات الاغتيال منذ أكثر من عقد من الزمان ، وجُهزت بأنظمة استهداف متطورة بما في ذلك الكاميرات عالية الدقة، وأجهزة تحديد الهدف بالليزر، كما يمكنها البقاء في الجو لفترة تصل إلى 20 ساعة ، مما يسمح بالمراقبة المستمرة والقدرة على الضرب عندما تتاح الفرصة، حيث تمثل هيرمس أحد الأدوات الأساسية للإسرائيليين" حالياً" ويمكن لهذه المسيرة ومثلها مسيرة " هيرون" أن تحوما فوق منطقة مستهدفة لفترات طويلة وتوفر معلومات استخباراتية في الوقت الفعلي، عند تأكيد الهدف من قبل الجهات الاستخباراتية .
طائرات إف15، إف16 :
الاستخدام "غارات قصف وضربات صاروخية" تستخدمان في حال كان الهدف في دولة أخرى، أو عندما تكون هناك حاجة إلى درجة عالية من القوة النارية حيث يحدد وجود المكان المستهدف ضمن دائرة ذات قطر أكبر.
ومما يشار إليه في هذا السياق، ما أوردته "الجزيرة- نت" لشادي عبدالحافظ 2/8/2024م تحت عنوان : تعرف على أسلحة الاغتيالات الإسرائيلية " .
على مدار سنوات طويلة، كانت غالبية الاستهدافات الإسرائيلية تحدث بشكل أساسي عبر الطرق التقليدية، مثل القتل المباشر عبر مسدس أو بندقية قناصة بيد عملاء استخبارات أو جواسيس، أو من خلال التسميم. أضف إلى ذلك وحدات العمليات الخاصة للاغتيالات مثل "سايرت ماتكال" أو "شايطيت 13" أو "دوفدفان"، وهي معروفة بالاغتيالات السرية.
إلى جانب ذلك، استخدمت إسرائيل العبوات الناسفة في عمليات الاغتيال لعدة أسباب، حيث يسهل تصنيعها من مواد مختلفة وتصميمها للانفجار بطرق متعددة، مما يجعلها قابلة للتكيف مع سيناريوهات الاغتيال المختلفة، وهي سهلة التنفيذ ولا حاجة إلى تهريب مكوناتها من الخارج، أو على الأقل يسهل تهريبها مقارنة بأي سلاح يمتلك القوة التدميرية نفسها أضف إلى ذلك أن العبوات الناسفة، كونها يدوية الصنع وتتشكَّل في صور عدة، بلا بصمات ولا تشير إلى القاتل، على عكس الصواريخ مثلا أو الطائرات التي عادة ما تنتمي إلى دولة بعينها بعد تحليل مخرجات العملية وهي أي العبوات الناسفة عبارة عن قنابل يدوية الصنع تتكون بالأساس من مادة متفجرة، توضع داخل عبوة معدنية، ويكون تفجيرها عن بُعد عن طريق هاتف أو جهاز إرسال، ما يُسهِّل إخفاء هوية القاتل، ويمكن أن تكون هذه المادة المتفجرة من أي نوع بحسب الحاجة، وتتوقف جودة هذه العمليات دائما على المعلومات الاستخباراتية المقدَّمة.