كتابات | آراء

الهجرة النبوية.. غيرت مجرى التاريخ!!

الهجرة النبوية.. غيرت مجرى التاريخ!!

يطل علينا العام الهجري الجديد 1446للهجرة بما يحمله من محطة إيمانية مشرقة لانتصار الحق على الباطل ، إنها ذكرى الهجرة النبوية المباركة على صاحبها وآله أفضل الصلاة وأتم التسليم ..

لقد مثلت الهجرة النبوية علامةً فارقة في حياة البشرية ،ونقطة هامة للتحولات الجذرية في رسم مسار التاريخ الإسلامي وتحقيق النهوض الحضاري الإنساني ،إنها الرحلة الخالدة والثورة التي غيرت مجرى التاريخ ،وأحدثت تغييراً جذرياً وعالمياً ونقلةً نوعية في واقع الأمة ؛ لبناء مداميك الدولة الإسلامية وفق المنهج النبوي وقيم الرسالة الإسلامية الخالدة.
إنها ثورةٌ جذرية قادها النبي الأعظم محمد رسول الله _صلوات الله عليه وآله _ضد قوى الكفر والشرك والطغيان ، بعد أن أشتد أذى المشركين وبلغ كيد المجتمع القريشي ونفسيته الصنمية وأفكاره المشبعة بالوثنية مبلغه؛ من هنا انطلقت مجريات الهجرة المباركة بوحي الله لتنقل صلاحية وشرف احتضان الرسالة من مكة المكرمة إلى المدينة المنورة؛ وهذا الاصطفاء المكاني الذي أكد أحقية المدينة على مكة يأتي لجملة من المعوقات أحالت مكة دون نيل الشرف العظيم ، والتي من أبرزها طغيان الروح المادية والاستكباراتية والظلم والهيمنة والكفر وغيرها من الأمراض التي طغت وسيطرت على مجتمع قريش حتى تخشبت عقولهم بخرافات الشرك والوثنية ،لدرجة وصل فيها حقدهم إلى محاولة التصفية الجسدية والانتقام ومحاولة النيل من شخص النبي صلوات الله عليه وآله ومن معه من المؤمنين ،وهنا تدخلت العناية الإلهية تتويجاً لجهاد الرسول الكريم ودعوته وصبره وتضحياته في سبيل نشر الدعوة إلى دين الله وهداية الأمة يقول الله تعالى:{ وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللهُ وَاللهُ خَيْرُ الْـمَاكِرِينَ }. الأنفال- الآية30
فحفظ الله رسوله وأنزل عليه سكينته وأيده الله بجنود من عنده ،ورمى كيدهم في نحورهم، وجعل كلمتهم السفلى، وكلمة الله هي العليا { إِلَّا تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللهَ مَعَنَا فَأَنْزَلَ اللهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَـمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِـمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلَى وَكَلِـمَةُ اللهِ هِيَ الْعُلْيَا وَاللهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ } التوبة- الآية 40
وبهذا انتقل النبي صلوات الله عليه وآله بالأمة من حالة الضعف إلى عظمة العزة والقوة، ومن خانة القلة إلى هيبة الكثرة والجيش الذي أدب طواغيت الضلال وأوصل رسالة الحق إلى كل بقاع الأرض .
ومن هنا فإن إحيائنا لهذه الذكرى المباركة ليس كمناسبة سنوية ،بل استلهام الدروس الناصعة والعبر والدلالات العميقة من هجرة النبي محمد_ صلوات الله عليه وآله _ والاقتداء به والسير على نهجه في مواجهة أعداء الأمة ، وتجسيداً لمواقف أجدادنا الأنصار في ولائهم لله ولرسوله ،الذين كان وما يزال لهم الشرف في نصرة رسول الله منذ انطلاق الدعوة المحمدية, وهم الذين رددت آفاق الدنيا أصداء فرحهم ونشيدهم على مشارف المدينة وقلوبهم تنبض شوقاً لاستقبال النبي الكريم: (طلع البدر علينا من ثنيات الوادع ).
وهم الذين وصف الله وإيثارهم وجوهرية كرمهم ونقاء صدورهم في كتابه المجيد :{ وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْـمُفْلِحُونَ }سورة الحشر-الآية 9.
وهاهم أبناء اليمن خير من يمثلون مجتمع المهاجرين والأنصار اليوم في إعلاء كلمة الله ومنهج رسوله ونصرة مقدساته ؛ شعبٌ يحمل فدائية الإمام علي وروحيته الشجاعة ؛ بما يحفظ للأمة كرامتها ، ويعيدها إلى عظمتها ،ويخرجها من حالة التبعية والذل وهيمنة الغرب الملحد إلى رحاب العز والكرامة وفق المسار القرآني الصحيح والتمسك بأخلاق النبي وآل بيته الأطهار.
وتبقى دائماً وأبداً كلمةُ الله هي العليا.

أخبار الجبهات

وسيبقى نبض قلبي يمنيا
لن ترى الدنيا على أرضي وصيا