كتابات | آراء

القبائل والحكومة والتاريخ في اليمن .. بول دريش جامعة أكسفورد »46«

القبائل والحكومة والتاريخ في اليمن .. بول دريش جامعة أكسفورد »46«

بحلول أواخر عام 1964م أثرت مجموعة من الخسائر العسكرية والسياسية على القوات المصرية وبعد فشل الهجوم الكبير ضد الملكيين في سبتمبر/أيلول قرر الرئيس عبد الناصر القيام بذلك الانسحاب من المناطق الشمالية الغربية للبلاد مما مكن الملكيين من إعادة احتلال المنطقة

وبعد بضعة أشهر انهارت الجبهة الجمهورية والمصرية في شرق اليمن بالكامل ثم سيطر الملكيون على سلسلة الجبال في الشمال وقاموا باستمرار بقطع خطوط الإمداد الرئيسية التي كانت تعتمد عليها القوات المصرية مما عرض الجيش للخطر على الجبهات الغربية والشمالية والوسطى وفي عمل يائس واضح حاول عبدالناصر استعادة اليد العليا ضد المتمردين مهددًا بشن غزو بري على المملكة العربية السعودية لقطع مصدر دعمهم الرئيسي لكن المصريون تراجعوا عندما حشدت السعودية 10آلاف جندي على طول الحدود ردا على ذلك وقرروا بدلا من ذلك قبول عرض الوساطة من الملك السعودي فيصل وقد اختتمت محادثات الوساطة بين عبدالناصر والملك فيصل باتفاق يعرف باسم حلف جدة وتضمن اتفاق جدة تعهدا من السعوديين بوقف إمداد الملكيين ووعدا من المصريين بسحب قواتهم من اليمن في غضون عام و أدى توقيع الاتفاق إلى هدوء مؤقت في القتال وانخفاض في مستويات القوات المصرية إلى 20ألف جندي ومع ذلك استؤنفت التوترات بين الملكيين والجمهوريين الذين تم استبعادهم إلى حد كبير من المفاوضات التي هيمن عليها السعوديون والمصريون في ديسمبر 1965م عندما فشل الجانبان في التوصل إلى حل وسط بشأن إنشاء حكومة مؤقتة ثم في مارس 1966م بدأت الاعتبارات الاستراتيجية في المنطقة بالتحول بسبب انسحاب بريطانيا العظمى المخطط له من جنوب اليمن وفي وقت لاحق تلقت مصر تعهدًا من الاتحاد السوفيتي بضمان مشاركتها المستمرة في اليمن واكتسب عبد الناصر بدوره اهتمامًا متجددًا بمواصلة مشاركته في اليمن وفي غضون أسابيع أعلن عبدالناصر أن اتفاق جدة لن يتم تنفيذه بعد الآن ثم أمر بإرسال فرقة كبيرة من القوات المصرية إلى المنطقة واستؤنفت الغارات المصرية و رد الملك فيصل على الهجمات المتجددة بتشجيع الملكيين على استئناف القتال واشتدت الحرب واعتمد المصريون استراتيجية جديدة خلال هذه المرحلة أطلقوا عليها اسم النفس الطويل والتي كانت تهدف إلى السماح للقوات المصرية بالبقاء في اليمن إلى أجل غير مسمى وكجزء من هذه الاستراتيجية انسحب المصريون إلى جنوب العاصمة صنعاء والمدن الساحلية اليمنية ولم يعودوا يشنون عمليات كبرى ويقصفون المناطق الحدودية السعودية والريف اليمني فقط من حين لآخر تألفت معظم الاشتباكات من مناوشات أصغر وتم بذل جهد أكبر لتدريب القوات الجمهورية وتمكين الجيش اليمني من الدفاع عن نفسه في بعض المناطق دون مساعدة مصرية وبحلول عام 1967م وصل الصراع إلى مستوى جديد تمكنت فيه القوات المصرية والجمهورية من استعادة المناطق التي فقدتها أمام الملكيين قبل عامين ومع ذلك ظل المصريون غير قادرين على السيطرة على الريف (الذي يشكل ثلثي البلاد) أو تحقيق أي تقدم في كسب الدعم الشعبي وهكذا تم الوصول إلى طريق مسدود جديد لم يتمكن فيه أي من الطرفين من المطالبة بميزة واضحة أو التصعيد نحو النصر وفقًا لأحد الجنرالات المصريين لولا اندلاع حرب الأيام الستة في يونيو 1967م لكان من الممكن أن يحافظ المصريون على صراع محدود النطاق ويبقون في اليمن إلى أجل غير مسمى.
شكلت الحرب العربية الإسرائيلية في يونيو/حزيران 1967م نقطة تحول في سياسة مصر الخارجية وبداية نهاية الصراع اليمني وفي مواجهة هزيمة عسكرية مذلة على حدوده تضاءل اهتمام عبد الناصر بالحروب الخارجية بشكل ملحوظ وأعلن على الفور عن نيته الانسحاب من اليمن والبدء في عملية تراجع سياسي الأمر الذي تطلب منه التركيز على تقليص خسائره في المنطقة وبعد سنوات من رفض المفاوضات وافق عبدالناصر على اتفاق سلام جديد بعد شهرين ودعا الاتفاق الموقع في الخرطوم إلى الانسحاب الكامل للقوات المصرية في أغسطس/آب 1967م وإنهاء المساعدة السعودية للملكيين وكل ما يتعلق بالسياسة اليمنية والمستقبل سيقرره اليمنيون بأنفسهم .

أخبار الجبهات

وسيبقى نبض قلبي يمنيا
لن ترى الدنيا على أرضي وصيا