كتابات | آراء

الحكام العرب وصمت القبور

الحكام العرب وصمت القبور

لا نتحامل ولكننا نتساءل: هل من المعقول أن يصل حال غالبية الحكام العرب وشعوبهم شبه المخدرة إلى درجة أن يطلب بعضهم من أمريكا وإسرائيل تضمين اتفاق إنهاء الحرب على قطاع غزة

وتبادل الأسرى بنداً خاصاً بإخراج حركة حماس من غزة وكأنها هي القوة الغازية التي أتت إلى فلسطين واحتلت أرضها وأقامت عليها كيانا لقيطا وليست هي صاحبة الحق الذي تم اغتصابه بتواطؤ أممي ودعم من الدول الاستعمارية وتسليمه لليهود ليشكلوا خنجرا مسموما يطعن الأمة العربية والإسلامية في ظهرها لإضعافها والعمل على التفرقة بين شعوبها بحيث لا تقوم لهم قائمة وإحداث الصراعات في أوساطهم للانشغال بها خاصة المذهبية والعنصرية والطائفية والدول العربية الثرية تمول، ونشهد بأن بني صهيون منذ أسسوا كيانهم اللقيط على أرض فلسطين عام 1948م قد نجحوا نجاحا كبيرا في هذا الجانب وحققوا من خلال تغذية الخلافات والصراعات بين العرب والمسلمين انجازات أكثر مما حققوه بالحروب التي كانوا يشنوها على العرب بين فترة وأخرى خلال العقود السبعة الماضية برغم احتلالهم لأراض عربية لا يزالون يحتفظون ببعضها إلى اليوم فضلا عن سيطرتهم على كل فلسطين بما فيها بيت المقدس والمسجد الأقصى الشريف أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين، ولم يكتفوا بذلك فحسب وإنما يريدون أن يقيموا كيانهم المزعوم من النيل إلى الفرات مستندين على نبوءات في كتبهم الدينية والمصيبة الأعظم أن غالبية الحكام العرب وخاصة المهرولون للتطبيع مع الكيان الصهيوني مسلمين بهذا الزعم وأكبر دليل على ذلك وقوفهم إلى جانب إسرائيل في حربها على الشعب الفلسطيني في قطاع غزة مظهرين خوفهم على هزيمة جيشها لأنه لو حدث ذلك سيشكل هزيمة لهم قبل إسرائيل نفسها بعد أن كانوا يراهنون منذ بداية العدوان على غزة على انتصار الجيش الصهيوني خلال أيام محدودة وتلقيهم البشرى منه بهزيمة المقاومة الفلسطينية والقضاء عليها ليتخلصوا من الصداع الذي سببته لهم المقاومة وتحديدا حركة حماس، كما أن خوفهم وانزعاجهم يزداد بعد أن أصبح قادة الكيان الصهيوني يتعاملون مع حركة حماس كدولة ويخوضون معها مفاوضات ندية وهم الذين كانوا في بداية العدوان لا يعترفون بها ويصفونها بأنها منظمة إرهابية يجب القضاء عليها، أما بعد أن اكتسبت المقاومة الفلسطينية تأييدا عالميا خاصة في أوساط الشعوب التي أنظمتها تدعم الكيان الصهيوني عسكريا وماديا ويأتي في المقدمة الأحرار في أمريكا وبريطانيا ومختلف الدول الأوروبية وهو ما سبب صدمة للحكام العرب المؤيدين لإسرائيل فإن المقاومة الفلسطينية بقيادة حركة حماس ازدادت قوة وعزيمة لاسيما أنها لم تعد تحارب وتدافع عن القضية الفلسطينية لوحدها فقد انضمت إلى جانبها قولا وفعلا جبهات اليمن ولبنان والعراق التي تخوض حربا مباشرة مع كيان العدو الصهيوني واستطاعت هذه الجبهات أن تشتت قدرات جيشه المدعوم أمريكيا وأوروبيا ويتم تقديم له الدعم العسكري والمادي بعشرات المليارات من الدولارات إن لم تكن المئات ومع ذلك فإنه لم يحقق أيا من أهدافه المعلنة طيلة السبعة الأشهر المنصرمة سوى ارتكابه لجرائم الإبادة الجماعية في حق المدنيين من الشيوخ والنساء والأطفال وتدمير البنية التحتية وهذا عمل لا يقوم به إلا الجبناء والعاجزين على المواجهة، كما أن دخول الجمهورية الإسلامية الإيرانية على خط المواجهة قد غير معادلة الردع في المنطقة التي كانت تنفرد بها إسرائيل وأوجد معادلة ردع جديدة أربكت أمريكا الداعم الرئيس للكيان.
إن موقف الأنظمة العربية من العدوان الصهيوني اليوم على غزة لا يختلف كليا عن موقف الأنظمة العربية في المواجهة الأولى بين العرب واليهود عام 1948م وقد لخص اللواء محمد نجيب قائد ثورة 23 يوليو المصرية في مذكراته الذي كان الرجل الثاني في قيادة الجيش المصري في مواجهة عصابات الهجانا اليهودية بقوله: (لقد كانت هزيمتنا في فلسطين نتيجة لعوامل سياسية دولية لم نتمكن في التحكم بها، ونتيجة للفساد في نظام الحكم الداخلي الذي تسامحنا كثيرا بشأنه ولم نقدر خطورته إلا بعد فوات الأوان مؤكدا أنه تم الاكتشاف أثناء المعركة في فلسطين أن العدو الرئيسي للجيش المصري ليس اليهود وإنما الفساد الذي ينخر كالسوس في مصر والذي كان يتمثل في الملك وكبار القادة والحاشية والإقطاع وباقي عناصر النظام ودعائمه في مصر وكنت أول من قال: أن المعركة الحقيقية في مصر وليست في فلسطين وهي العبارة التي نسبها جمال عبدا لناصر لنفسه بعد ذلك، وكنت لا أتردد في أن أقول هذا الكلام لكل من أثق فيه من الضباط، كنت أحرضهم على القتال في فلسطين والانتباه لما يدور في مصر..) كم نتمنى على الشعوب العربية أن تقرأ التاريخ وتعود قليلا إلى الوراء على الأقل للمقارنة بينما كان يجري في الماضي وما يجري حاليا وستجد حتما أن النتيجة واحدة وأن الأنظمة والحكام هم سبب هزيمة العرب وضياع فلسطين وعليه فإن المعركة الأولى التي يجب أن تخوضها الجيوش العربية لتحرير فلسطين هي معركة إسقاط الأنظمة من الداخل أولا وإبعاد الحكام الذين وضعتهم أمريكا على كراسي الحكم بهدف الدفاع عن إسرائيل ومنع الانتصار عليها ونعتقد أن الفرصة الحالية متاحة ومناسبة جدا خاصة بعد أن كشفت أحداث غزة العزة من خلال مقاومتها للعدوان الصهيوني عورات اغلب الأنظمة العربية التي تجاهر بدعمها للجيش الصهيوني وتحريضه على هزيمة المقاومة الفلسطينية والقضاء عليها حتى لا يمتد تأثيرها إلى الشعوب العربية فتثأر من حكامها المتخاذلين وفي نفس الوقت تحريض أمريكا وبريطانيا والدول المعادية للعرب والمسلمين للقيام بالاعتداء على محور المقاومة الداعم للقضية الفلسطينية بهدف إضعافه ومنعه من تحقيق انتصارات ستساعد حتما المقاومة الفلسطينية على تحقيق الانتصار الكبير ضد الجيش الصهيوني في قطاع غزة و داعميه وهو ما سيجعل قضية فلسطين تعود إلى الواجهة على المستوى العالمي بعد أن كادت تكون منسية حتى من بعض أبناء فلسطين أنفسهم ونقصد بذلك من يسمون أنفسهم بالسلطة الفلسطينية برئاسة المدعو محمود عباس الذي صرح مؤخرا دون حياء أو خجل بقوله: (إن السلام أولا يجب أن يكون مع إسرائيل كونها جارتهم على حد زعمه وينبغي التعايش معها) دون أن يتطرق هذا العميل لاحتلال إسرائيل لأرض فلسطين كاملة ولا لجرائم الإبادة التي يرتكبها الجيش الصهيوني ضد الشيوخ والنساء والأطفال داخل القطاع ومحاصرتهم وكأنه بصمته يعبر عن رضاه عما يفعله جيش بني صهيون في حق أبناء شعبه.

أخبار الجبهات

وسيبقى نبض قلبي يمنيا
لن ترى الدنيا على أرضي وصيا