استبعاد إصدار محكمة خان مذكرات اعتقال ضد مجرمي الكيان

بالرغم من أنَّ مكتب المدعي العام للجنائية الدولية «كريم خان» يتمتع بالاختصاص القضائي على الجرائم الوحشية التي ترتكبها القوات الصهيونية في حق سكان «قطاع غزة» منذ الـ7 من أكتوبر 2023 إلى الآن، فلا يرجى منه إصدار مذكرات اعتقال في حقِّ مرتكبيها، نتيجة تحيز «كريم خان» لها وانحيازه إليها.

حقيقة انحياز «كريم خان» لدولة الكيان
خلافًا لما يتوقعه معظم المهتمين بما يحدث في «قطاع غزة» من إجرام والمهتمين بالشأن الفلسطيني بشكلٍ عام من إقدام محكمة الجنايات الدولية من مذكرات اعتقال في حق «بنيامين نتنياهو» وعدد من قادة جيشه على خلفية تورطهم المباشر في ما يحدث في حق أطفال ونساء «القطاع» -منذ أكثر من سبعة أشهر- من مجازر، لا نتوقع صدور أية مذكرة من هذا النوع من منطلق علمنا بما يربط المدعو «كريم أحمد خان» من علاقة متينة بـ«دولة الكيان» وأنها كانت داعمًا رئيسًا في تبويئه هذا المكان، وذلك أمرٌ واضحٌ وجلي يتأكد أكثر فأكثر من احتواء نصّ الخبر الصحفي المعنون [انتخاب الحقوقي البريطاني كريم خان مدعيّا عامًّا لمحكمة الجنايات الدولية] الذي بثته قناة «i24news» بتأريخ 13 فبراير 2021 على ما يلي: (أنتُخب الحقوقي البريطاني «كريم أحمد خان» الجمعة مدعيًا عامًّا جديدًا للمحكمة الجنائية الدولية، وكان «كريم خان» هو المرشح المفضل لدى «إسرائيل» من المرشحين الأربعة لهذا المنصب.
وقد أبدت الأوساط الإسرائيلية ارتياحًا لانتخاب «كريم خان» لأنها ترى فيه شخصية برغماتية لا تسعى -حسب زعمها- إلى تسييس محكمة الجنايات الدولية، وهو المأخذ الذي وجهته إسرائيل للمدعية العامة «باتي بنسودا» بعد قرار بسط صلاحية المحكمة على المناطق الفلسطينية والتمهيد لفتح تحقيقات ضد إسرائيل بشبهة ارتكاب "جرائم حرب" في الضفة الغربية وقطاع غزة والقدس الشرقية).
ومن ناحية ثانية فقد ظهر تحيُّز «كريم خان» للسلطات الصهيونية وتعاميه عمَّا تركتبه ضد التجمعات السكانية الغزية الفلسطينية بزيارته العاجلة لأسر الأسرى الصهاينة زيارةً مفعمةً بالكثير من الحميمية، وتقاعسه -بالمقابل- عن زيارة «قطاع غزة» والاطلاع عن كثب على بعض ما يرتكب في حق النساء والأطفال والرُّضع من مجازر هي الأفظع ممَّا ارتكب في العالم أجمع.

رضوخ المحكمة الشديد لما تتلقاه من تهديد

إنَّ نظرةً فاحصةً في زمن وملابسات إنشاء المحكمة الجنائية الدولية تؤكد أنها أنشئت بإيعاز من الإمبريالية والصهيوصليبية الغربية لتكون بيدها سيفًا مسلطًا على رقاب الأنظمة والشخصيات التي تسعى إلى النأي ببلدانها عن الهيمنة الإمبريالية وحكمها بنوعٍ من الاستقلالية، واضعةً من الحسبان -منذ لحظات إنشاء المحكمة- عدم منحها صلاحية إخضاع رموز العصابة الصهيونية المجرمة -بصورةٍ دائمة- لأية محاكمة، وفي ضوء هذا التمهيد لا يمكن أن تمثل هذه المحكمة على المجرم «نتنياهو» وشركائه في ارتكاب أبشع جرائم الحرب في الأراضي الفلسطينية -وفي «قطاع غزة» بالتحديد- أيَّ تهديد، لأنَّها واقعة -بالإضافة ارتباط مدعيها العام بسلطات الكيان الصهيوني بعلاقات موثقة- تحت هيمنة أمريكية شبه مطلقة، فضلًا عن تلقيها تهديدات من مسؤولين أمريكيين وفي مقدمتهم رئيس مجلس النواب الذي أشير إلى تهديده إيَّاها في مستهل الخبر الصحفي المعنون [رئيس مجلس النواب الأمريكي يهدد الجنائية الدولية بإجراءات إذا أصدرت مذكرة اعتقال بحق نتنياهو] الذي نشره موقع «روسيا اليوم» في الـ30 من أبريل الفائت على النحو التالي: (قال رئيس مجلس النواب الأمريكي «مايك جونسون»: "إذا أصدرت المحكمة الجنائية الدولية مذكرة اعتقال ضد رئيس الوزراء الإسرائيلي «بنيامين نتنياهو» فسيكون تطورًا خطيرًا، ويجب الرد عليها".
وأضاف قائلًا: "يجب أن نرد على المحكمة الجنائية الدولية بفرض العقوبات وقلب الطاولة عليهم"، مؤكدًا أنَّ الجمهوريين والديمقراطيين متحدون في رفض صدور مذكرة اعتقال من الجنائية الدولية ضد رئيس الوزراء الإسرائيلي).
وفي السياق ذاته تلقت المحكمة رسالة تهديد شديدة اللهجة حملت إمضاء عدد من المشرعين الأمريكيين، وقد تجسد هذ المعنى -بجلاء- في استهلال الخبر الصحفي المعنون [رسالة تهديد من مشرعين أمريكيين للمدعي العام بالمحكمة الجنائية الدولية: "استهدفوا إسرائيل سنستهدفكم"] الذي نشره موقع «CNN بالعربية» يوم الأربعاء الـ8 من مايو الحالي بما يلي: (وقع 12 سيناتورًا أمريكيًّا -اليوم الأربعاء- رسالة موجهة إلى المدعي العام لمحكمة الجنايات الدولية في الأمم المتحدة «كريم خان» حملت تهديدًا في ظل احتمال إصدار أوامر اعتقال بحق «بنيامين نتنياهو» وبحق قادة وضباط إسرائيليين.
وجاء في الرسالة الموجهة إلى «خان» والتي نشرها السيناتور عن ولاية فلوريدا «ريك سكوت» عبر صفحته على "إكس"، تويتر سابقًا: "نكتب لك بشأن التقارير الخاصة بأن محكمة الجنايات الدولية قد تنظر في إصدار مذكرات اعتقال دولية بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي «بنيامين نتنياهو» ومسؤولين إسرائيليين آخرين. فإننا نعتبر هذه الخطوات غير شرعية، ونرى أنها تفتقر للأسس القانونية، وإذا تم إقرارها، سينتج عنها عقوبات قاسية بحقك وبحق مؤسستك").